كتبت / رضا صلاح الدين
البلطجية والمدمنون يحاصرون الأهالى والحكومة تهددهم بالطرد
»عزبة خير الله« تعد من أكبر المناطق العشوائية بمحافظة القاهرة ويعانى سكانها من انعدام الخدمات والمرافق بها والعقارب السامة والثعابين تلدغ الأهالى وتقتلهم قبل أن يصلوا لأقرب مستشفى منهم وفى النهاية تهددهم الحكومة بالطرد من الجنة .
وعزبة خير الله عدد سكانها حوالى 650 ألف نسمة ومساحتها 12 كم مربع (480 فدانا) وهى عبارة عن هضبة جبلية جيرية يطلق عليها هضبة الزهراء تحدها مصر القديمة شمالاً ودار السلام جنوباً ونهر النيل من الغرب .
ويوجد بها أقدم مواقع أثرية شهدت بدايات دخول الإسلام مصر فى عهد عمرو بن العاص مثل طابية اسطبل عنتر والقباب السبع ومصلى السيدة الخضرة الشريفة وطواحين الهواء .
وقد كانت قبل اربعين عاماً ارضاً خالية من السكان، أما اليوم فهى تعد من أكبر المناطق العشوائية بالقاهرة ، فموقعها الجغرافى جذب اليها السكان حيث انها تتوسط عدة مواقع جاذبة للعمالة كسوق أثر النبى والمدابغ وشق الثعبان، وأعمال الخزف وكسر الرخام ببطن البقرة مما شجع على نزوح القادمين من المحافظات الأخرى للبحث عن الرزق للاستيطان بها .
وكانت هذه آراء الأهالى
التهديد بالطرد
حسين محمد ـ عامل ـ أحد الشهود على أن الاف الأسر المعدومة تعيش على حافة هضبة الزهراء لم تعترف بهم الحكومة واعتبرتهم مغتصبى اراض بعد الثورة واتهمتهم بالبناء المخالف وهدمت بيوتهم وهددت الآخرين بالطرد منها .
وفى حين منحت الدولة الاف الأفدنة لكبار رجال الأعمال باسعار زهيدة رفضت أن تسمح لهم بالبناء فى عدة امتار وترفض اعطاءهم سكنا بديلا وفى ذات الوقت لا يملكون أموالا تكفى إيجارا جديدا لحجرة صغيرة فى مكان آمن .
وأشار حسين إلى أنه لا يقبل أى مسئول أن يعيش لحظات فى هذا المكان وهو مهدد بالموت فى أى لحظة من الثعابين والعقارب السامة ومن البلطجية والمسجلين خطر .
لن يقبلوا ان يعيشوا مهددين بتكرار حادث الدويقة وانهيار صخور الهضبة فوق رؤوسهم ولا يجدون اشلاءهم الأمر الذى يؤرقهم ويعذب ضميرهم لانهم يشكلون خطورة حقيقية على سكان اسطبل عنتر وبطن البقر لكنهم لا يقدرون على شئ .
مصانع الخشب تهدد العزبة بكارثة
محمد على ـ عامل ـ كانت له شكوى من مصانع خشب الكونتر وورش النجارة التى تملأ العزبة وهى تعد قنبلة موقوتة لافتقادها ابسط وسائل الحماية المدنية وكادت العزبة تحترق بكاملها بسبب حرائق فى هذه المصانع وحرائق فى مصانع البلاستيك وعجزت عربات المطافى عن الدخول للعزبة لضيق الشوارع واطفأها الأهالى بمعجزة من الله .
ولكن محمد عبد العال ـ تاجر اخشاب ـ كان له رأى آخر لأن معظم مصانع الخشب بالعزبة اعلنت افلاسها بعد الثورة وفر العمال بأرواحهم من بطش البلطجية وقطاع الطرق الذين يهجمون عليهم من بطن البقر ومنطقة المعسكر ويهددونهم بالاسلحة الآلية اذا اعترضوا على سرقتهم اموالهم وبضاعتهم .
أما جرجس عطية ـ مكوجى ـ فقد أكد أن عزبة خير الله بكاملها لازالت تعانى من الانفلات الأمنى منذ احداث الثورة فلا يجرؤ احد سكانها علي الخروج من منزله بعد صلاة المغرب خوفاً من بطش البلطجية وقطاع الطرق واللصوص والمدمنين الذين اتخذوا منطقة المعسكر باعلى هضبة الزهراء وبطن البقر بأسفلها وكراً لممارسة جميع انواع الجريمة من اتجار بالمخدرات والاسلحة والدعارة .
انعدام المرافق
محروس شوقى ـ موظف ـ أشار لمعاناة العزبة من انعدام جميع المرافق، فتطوير شبكة الصرف الصحى توقف عند منطقة الطاحونة لوجود مناطق اثرية وكنيسة بها وعانوا من طفح مياه الصرف الصحى ورائحتها الكريهة التى تغطى الطرقات الضيقة مما اضطرهم لعمل طرنشات بالمجهود الذاتى حتى يتخلصوا من هذا المشهد اليومى القبيح .
وتكمل هدى الشربينى ـ ربة منزل ـ ونعانى من نقص مياه الشرب واذا وصلت الينا نجدها ملوثة برواسب غريبة اللون والرائحة مما يضطرنا لشراء المياه النظيفة ونخضع لطمع التجار الذين يبيعونها بأسعار مرتفعة أما من لا يقدر على شرائها فعليه ان ينزل اسفل الهضبة ويحمل المياه النظيفة من الزهراء ويسير مئات الكيلو مترات وهو أمر صعب جداً على كبار السن والمرضى. وقد قمنا بعمل شكاوى لا حصر لها فى شركات المياه وفى النهاية بعمل مصالحة معها ولكن دون جدوى.
ويكمل محمد سامى ـ موظف ـ أما الكهرباء فهى ازمة حقيقية بالنسبة لنا لأنها تقطع لساعات طويلة بعد العشاء فتتلف الاجهزة الكهربائية والأخطر من ذلك أن الظلام الدامس يعطى فرصة للبلطجية للسطو علينا وتهديدنا فيقومون بالقفز فوق الاسطح ويخطفون الفتيات ويغتصبونهن اذا فشل الاهالى فى التصدى لهم وفى كل الاحوال يقع ضحايا ومصابون.. وعندما سألنا موظفى الكهرباء الذين يحصلون فواتير الكهرباء عن سر انقطاع الكهرباء بالساعات فإذا بهم يقولون ان كابلات الكهرباء قد تآكلت وجار تغذيتها من منطقة الزهراء في الوقت القريب .
وأشار كرم عبد الرسول ـ تاجر خردة ـ إلى جبال القمامة التى تتراكم بجوار مخزنه ولا يجمعها عمال النظافة بالاسابيع بسبب اضراباتهم المستمرة لزيادة رواتبهم فجعلتهم يعانون من الرائحة الكريهة والحشرات الغريبة التى تغطيها مما جعل العمال يرفضون العمل لديه رغم زيادة رواتبهم .
عويس محمد بكر ـ عامل ـ أكد لنا أن هناك الاف الأسر تعيش عيشة غير آدمية على اطراف الهضبة فهم يعيشون فى بيوت مكونة من دور أرضى بلا اسقف بعد أن هدمها رجال القوات المسلحة فقاموا بعمل اسقف خشبية وغطوها بالبلاستيك لتحميهم من الأمطار ويعيش ثلاث اسر فى كل بيت ودورة المياه والمطبخ شرك بينهم .